mercredi, août 31, 2011

عيد أم الشهيد

  
تقدمت خطوة خطوة. مع كل خطوة قلبها كان يدق أكثر. من الي  شيعته بالتزغريط  نهارة الجنازة  ما زاراتوش.  ما كانت تنجم تمشي. مش يقولوا الي الشهداء أحياء ما يموتوش؟  كانت تحس أنها كان تزور قبره بش اطيٌح في قيمته و بش تقتله بيديها. كانت مقتنعة أنه حي , عايش معاها  و كانت تتخيل فيه في كل بلاصة : تحس بيه يتفرج في التلفزة بحذاها في بيت الصالة وقت الي تنعس , و تشعر ببوسة على جبينها كل صباح. كانت تشم ريحته مع كل ززوة قهوة اطيٌبها, قداش كان يعشق قهوتها. و كانت مع كل تسكيرة  و الا حلان باب وذانها ياقفو ... شكون يعرف, بالكشي يرجع. مش الشهداء أحياء ما يموتوش ؟
مع كل نشرة  أخبار كانت تبيٌت الحس, بالكشي تسمع تعليقاته اللاذعة الي كانوا محييٌن الدار مرة بالتمقعير و مرة بالغش. قداش الدار ميتة من غيره.  حاولت تفهم الفايسبوك أما صعاب عليها و بهتت كيفاش ولدها كان يعدي قدامه ساعات و ساعات و كل مرة يجيها بخبر مرة يجيها مكشبر و فادد و مرة يجيها عينيه تضحك و يبوسها فرحان و يزفلها خبر يفرٌح و ما كانوش برشة أخبار يفرحوا أيامتها. الشهداء يطيحوا كيف الذبان و  شي ما قاعد يتبدل.
تذكرت ليلة الي  حضٌر روحه بش يخرج مع المتضاهرين و جات بش تقول له لا. شافت وجهه و سمعته يغني في حماة الحمى  وهو يلبس. حشمت منه. حشمت أنها تقول له ما تمشيش.  أول مرة تحشم من ولدها, أول مرة فلذة كبدتها ما تنجمش تحكي معاه في موضوع. كانت كل شي يتناقشوا فيه. أما مانجمتش المرة هذه. لعنت إحساس الأمومة الي كان بش يمنع ولدها أنه ياقف ضد الظلم و القهر و ينصر أهله و أصحابه الثايرين. جات العين في العين و هبطوا الزوز عينيهم و تفادوا  نقاش  كان عادة يصير و ما صارش. هز روحه و سكر الباب وراه. جاتها غصة. عينيها زغللوا.  ثانيتين من بعد سمعت حس المفتاح. وقفت كيف الصنبة. رجع باسها من جبينها و خرج. هبطوا دموعها شرشار. ما فهمتش علاش ليلتها قلبها كان مش قايللها خير.  عكشت في بلاصتها في فوتوي في الصالة. ما تحرك فيها حتى صبع, بكات لين طابت و  هي تستنى في خبر كانت حاسة بيه . متيقنة منه. كانت تستنى ... تستنى في تكذيب, في حس دبكته قدام الدار و تسكيرته للباب الي كانت تعرفها و تقربيعه في الكوجينة و حكاياته على أصحابه و على البوليس. لين دق الباب ...  لا هذه مش دقته , سمعت راجلها يحل في الباب و أصوات الأولاد و صوته مش معاهم. سمعت بكاء اللولاد و سمعت راجلها كيفاش طاح دايخ و من بعد شهق و بكى ونوح, وهي عاكشة في بلاصتها ما تحركتش. ما نجمتش. أول ما دخل عليها للصالة كان وائل صاحب ولدها سامي راس. دخل و عينه مدمعة و حاويجه ملطخة بالدم و عيٌط ويقوللها "شهيد يا خالتي جميلة ... شهيد ...شهيد" . حبت تبكي , حبت تدوخ و تنوح  كيما عمل راجلها ما نجمتش. هزت يدها على فمها و ما نجمت كان تزغرط. مش يقولوا الشهيد حي ؟ ولدها حي. كانت مقتنعة. لا بكات و لا عيطت. زغرطت و شيعت الجانزة خطوتين و رجعت تتصنت بالكشي تسمع صوته و الا تشم ريحته في الدار.
أول مرة بكات من بعدها كان نهارة الي جاء مسؤول :  تحل الباب. وقفوا وذانها. لا مش هكة سامي يحل الباب. دخل راجل لابس كرافات بعقدة كبيرة و في يده شيك و قال في ما معناه أنه هذا تعويض من الحكومة للي ماتوا أيام الثورة. تغششت , عيطت , شوية لا ضربته. راجلها رجعها و شدها بش تهدي روحها و هي تبكي و تصيح "ولدي شهيد ... ولدي شهيد".
كل يوم كانت تتفرج في الأخبار و تتصنت بالكشي تسمع تعليقات ولدها كانت تحس الي دم ولدها مشى في الفارغ ... التجمع هاو رجع و الناس الكل ولاو ثوريين حتى هاك القوادة و البلاد ما تبدل فيها شي.
كان كل ما يتعدى يوم كل ما تحس الي ولدها خطفوهولها.
جاء العيد و تذكرت أياماته . تذركت صحابه الي كانوا يجيوه نهار العيد يلعبوا معاه الرامي و البولوط. تذكرت شهواته الي كان يتشهاهم عليها بعد ما يوفى رمضان. توحشته. وسلٌمت.
تقدمت خطوة خطوة للمقبرة.  قريب عام بش يدور و بدات تسلٌم. بدات تقتنع الي ولدها مات و قررت تبكي عليه و تتمناله الرحمة.


Aucun commentaire: