lundi, mai 06, 2013

بلحسن و سلمى : خرافة جهاد أو جهاد الخرافة


 -1-

قام مفجوع. عروقاته شرتله. وجهه أصفر. عينيه, خشمه , روايقه .. الكلهم  ينزوا  نزان. حتى كرشه  دارت, اتكى تحت شجرة و تقيء, دارت بيه الدنيا. "اخي, لاباس عليك ؟ " شرب شربة ماء من القربة الي عطاوهاله. مضمض فمه مسح الردان على لحيته. جازاكم الله خيرا. مدله ابو حمزة  تلاثة تمرات و تبسم له بسماحته المعهودة : "فيها الشفاء ان شاء الله".
حس روحه خير. لكن مازال مرعوب. هول الحلمة الي حلمها أقوى منه. كان تعهٌد من سنين أنه ينقٌص من التهلويس و التخمام برشة و يسلم أمره لله سبحانه و تعالى. ما كانش مستعد أنه يحلٌل أو يخمٌم علاش حلم الحلمة هذه بالذات في الوقت هذا بالذات. يلزمه يقابل الأمير. الأمير هو ولي أمره و يمكن يكون ابليس- يخزيه و ربي يعوذنا من شره- هو وراء هالحلمة.

-2-

- خير يا أبا الحسن ؟  و كأني أراك شاحبا و العياذ بالله
- انشاء الله خير يا أميرنا.  كنت رقدت بعد صلاة الفجر و قمت على حلمة خوفتني.
-  هوٌن عليك يا رجل. أضغاث أحلام. هي تلك الحشرات الملعونة متاع الجبل ... ممكن تعمل هلوسة ساعات.
- لو تسمح يا أميرنا, حاسس الي يلزمني نحكيلك الحلمة ...

مهمه الأمير بعض الشيء, تماسك إحساسه بالقلق و الانفعال الي ظهر لحظة على وجهه. تصنٌع بسمة عريضة.  تصفٌح بعجالة الكتاب الي قدامه الي كان يطٌلع عليه قبل دخول بلحسن و كأنه حب يقول أنه يلزمه يكمٌل الي بداه و أن بلحسن قاعد بخرافاته يضيع له في وقت لا يقاس بثمن.
- بعجالة يا أبا الحسن, بعجالة يباركلك
- حاضر سيدي الشيخ. حلمت بسلمى سيدي الشيخ ...
لو كان جاء حد أخر من" كتيبة شيخ الاسلام" كان قال الكلام هذا راهو طرده من خيمته و راهو ممكن نال عقاب قاسي من الجلد حتى يعود الى رشده و يتوب الى الله عز و جل. لكن سمير أو كيف ما ولاو يسميوه "الأمير" أو "سيدي الشيخ" , كان ما ينجمش يعامل بالحسن -ذراعه الايمن- كيف الناس الكل و زيد كان يعرف شنوة تمثٌل سلمى بالنسبة لبلحسن.

-3-
رغم الي ما وصلش بعيد بقرايته , كان سمير في الشمبري يعتبر أكثر واحد قاري فيهم, كان شادد تركينته يقرى في كتب الدين. كان قراءته المتواصلة لكتب الدين عندها عدة فوائد  أول حاجة لأنه كان محتاج أن يطمئن قلبه في المحنة الي كان عايشها, ثم كان قراءته لهالكتب الي كان ينجم يتحصل عليها بطرق ملتوية,  تجنبه الباندية و المجرٌمة أنهم يتبلاو عليه ... و ربي برك يعلم شنوة الي كان يصير  و مازال يصير في زنازن و سجون البلاد. وفوق هذا و دونه كان سمير يحس بظلم البلاد و ظلم الدولة الي كانت تحكم فينا بطريقة بعيدة كل البعد على شرع ربي و بعيدة على العدالة بين الناس : هوما مرميين في الحبس, أغلبهم مظلومين و البرى الباندية قاعدين يستغناو و يسرقوا و حد ما كلمهم.
كان سمير ضعيف البنيان و ذميٌم, تنفخ عليه يطير, مرايات نظر وبيوضية في الوجه, كان ماجاش متخبي وراء كتب الدين راهو عبثه بحاله في الشمبري. كان كبران الشمبري بلحسن. شاب جهامة, عضلات مفتولة, و كان عامل بشرعه في الحبس الكل. شكون يتجرأ  و يكلم بلحسن هكة و الا هكة. الناس الكل تلبد قدامه. رغم هذا كان بلحسن ما يعديش نهار و ما يجبدش الشبوك مع حد بش يحس بنفوذه و بش ما يتحداه حد في الحبس حتى بالخزرة.
عقاب الليالي كان بلحسن يحاول يراقب جماعة الشمبري من بعيد, وقت الي الناس الكل يكونوا ملمومين على طرح شكبة, يحاول يكون محايد و ما يدخلش معاهم في معامع الخطارات .. مش هذاكا جوه. أما كان يحرص على أنه اذا صارت عركة يضرب الزوز أطراف بش يركحهم. و هذاكا كان جوه و شيخته ... و هكا علاش كان يبعد على جمهور المرابيط الي كانوا يهيجوا و يميجوا مع كل طرح شكبة و كان يركش بجنب "الشيخ".
من الأول كانوا ما يتكلموش. من بعد السلام السلام في إطار إحترام متبادل .. حتى لين كلمة تجيب كلمة, ولاو راسين في شاشية و كل ليلة يحكيو على حياتهم و ولاو كيف الإخوة. عمره ما كان بلحسن يمكن يحكي حكايته الى انسان و خاصة محبوس كيفه.و بخلاف أنه مشدود على خلفية جرائم قتل, حتى حد ما كان يعرف شنية قصة بالحسن. و نهار من نهارت, في ليلة طويلة من ليالي الشتاء, تكلم بالحسن و حكى على سلمى.

-4-
سلمى كانت كل شي بالنسبة لبلحسن. بنت خالته, حبها من الي يعقل على وجوده في الدنيا هذه و ممكن قبل ما يتوجد. لعبوا مع بعضهم صغار , عريس و عروسة, لعبوا كاري , لعبوا غميضة و كان ديما يحميها من الصغار الأخرين و حتى من الكبار. أول مرة عمل فيها عملة وقت الي سلمى قالتله أن عمها يحبها ياسر, أكثر من اللازم و أنه يبوسها ياسر أكثر من اللازم و أنه يمسها ياسر ,أكثر من اللازم وهي تخاف. ما كانش فاهم وقتها شنوة الي كان يعمل عمها لكن ما كانش يسمح أنه حد ينجم يحب سلمى أكثر منه ..و طيٌح عليه الياجورة من السطح و وقت الي سلمى هربت قعد هو واقف يشوف في الدم متاع عم سلمى يشرشر. و هو يستحلى فيه.
سلمى كل شي, سلمى نسمة صيف في عز أوسو, سلمى الحبيبة و الأخت و الأم الحنينة, سلمى النفس و دقات قلبه. سلمى ترجٌعه الوليٌد الصغير الي كله براءة وقت الي ولاد الحومة و المدينة الكل يشوفوا فيه مجرم لا يرحم و لا يشفق. سلمى بسمة الدنيا و حلاوتها. سلمى روح الروح و السبب الي يمكن يخليه يتوب نهار ويعيش معاها بالحلال. سلمى هي الدنيا و الطيبة و الحب.
سكر نهارتها, سكر و ما نجمش ينسى. الليلة عرس سلمى. أنا ؟ خالتي أنا تحلف بالايمان اني ما ناخوش بنتها و تعطيها للروج ولد جميلة ؟ أنا تجبد بيا خالتي ؟ قالك شنوة .. ما تعطيش بنتها لمجرم متاع النطرة و السرقة ؟ نسات قداش كركرت و جبتلها في جرة النطرة ؟  الروج ؟ الروج الي يخدم في الفرماسي ؟ الروج خير مني ؟ صب ... صب ... و سلمى ؟ ساكتة يا سلمى ؟ حبيتك أنا يا سلمى ...  و شكون .. صب , صب ... شكون عندي غيرك يا سلمى ؟ تسكتي يا سلمى ؟ تسكتي ؟
كان مروٌح لدارهم بش يرقد. و من بعد تذكر. تذكر نهارة الي سلمى جات تشكيله من عمها الي كان يبوسها برشة. و كيف يطلع الروج يبوس في سلمى برشة ؟ بالكشي سلمى حاجتها بيا و تحبني ندافع عليها ؟ أكيد أنها حاجتها بيا !  يا سلمى هاني جايك ... جبد السيف و غرسه في الروج, سلمى في بيت النوم تعيط و تبكي. طيرتله السكرة. في عينيها فما حاجة تبدلت. ماعادش تنجم تكون سلمى الي يعرفها. سكتت على الصياح و البكاء وقت الي شافت الروج مطيش , ميت و دمه ملطخ الفرش. شدت السيف بيدها و حطاته على صدرها. خزرتله بنظرة قوية. أقتلني يا بلحسن. ما كانتش تتشحت فيه و ما كانتش تفذلك و لا تعمل في مسرحية. كانت تعرف آش تعمل و آش تقول و جملتها ما خلات حتى مجال لبلحسن أنه يطلب السماح أو حتى يفسٌر علاش عمل هكة أو أنه يطلب منها أنها ما تموتش. كلامها كان صارم ما فيهش لعب ... وقف, رعش, خزرتله في عينيه مرة أخرى بكل برود وقالتله .. "بلحسن, كانك تحبني أقتلني." شد السيف و نزل. بكى. أول مرة يبكي من بعد موت بوه وهو صغير. طاحت سلمى دمها يفيٌع و خلطت الشرطة ...

-5-
كانت كل ليلة تزوره في الحلم. تحكيله على شنوة كانوا ينجموا يعملوا مع بعضهم و شنية العيشة الي كانوا ينجموا يعيشوها مع بعضهم. كل ليلة وين يجيه النوم ويحلم يلقاها قدامه , بلحسن ايا نعملوا سباق ؟ بلحسن هيا نلعبوا كاري ؟ ان , دو , تروا ..صمبة.

-  لا شيء عليك أخي ..
- شنوة معنتها سيدي الشيخ ؟
- مش قلتلي هوما  كتبوا صداق في البلدية ؟
- ايه ...
- يعني ما عملوش عرس على سنة الله و رسوله .. هذا يعني أنهم زنات
- لا مش زنط لقيتهم لابسين ..
- لا لا زنات. يعني اختلوا ببعضهم في غير شرع الله. و كان عليك أن تقيم عليهما الحد. حسنا فعلت. يعني الي عملته مش غالط.

قال سمير الكلام هذا  لبلحسن و هو خايف. ماكانش يعرف شنية تنجم تكون ردة فعله. كف ؟ جردوق ؟ مشطة ؟ دغرة بسكينة ؟ .. بلحسن سكت , لبه العرق. تلعثم في الكلام ..
- يعني الي عملته مش حرام ؟
- كان تتوب لربي و تصفي النية , ربي يغفر ويسامح. خاصة كيف ماقلتلك أنك أقمت الحد على عمل فاحشة زناء و العياذ بالله. و الله أعلم...
رقد ليلتها بلحسن و هو يستغفر و لأول مرة ماشافش سلمى في الحلم. و بشوية بشوية ولى يأتمر بأمر الشيخ و يطبق توصياته و من الي كان هو يصول ويجول في الشمبري ولى "السيف المسلول" لسيدنا الشيخ و ولى  الشيخ يشبه بلحسن بسيدنا عمر رضي الله عنه. و كان بلحسن السبب في هداية برشة مرابيط في الحبس كان مش بالمحاججة بحد السيف...

-6-
عشرة سنين من بعد, هاو بلحسن و سمير في جبل من جبال تونس و الحكم تبدل و ماتت ناس و حيات ناس. و فجأة, وبعد هالمدة الكل, ترجع سلمى.
- خير انشاء الله يا أبا الحسن, أحكيلي حلمتك و لنا التفسير إن شاء الله
- عندي عشرة سنين ما حلمتش بيها يا سيدي الشيخ ... عشرة سنين. جاتني في النوم قالتلي بلحسن, هيا نلعبوا كاري ؟ وبدات تنقز في الغابة على ساق وحدة و أنا نقوللها يا سلمى رد بالك من اللغم و هي تضحكلي و مكملة .. حتى لين ...
- حتى لين ...
- اتطرشقت, ماتت قدامي. عاودت ماتت قدامي ...
عينين بلحسن زغللت بالدموع. سمير بدى يفد و يتقلق. ياخي ماعنده ما يعمل ؟ قداش عنده من عام و هو يسايس في بلحسن وهو مارجله كبيدته بحكايات فارغة ما تعني شي.
- يا ابا الحسن. ما عهدتك بهذه الرهافة يا أخي. شوية رباطة جأش.
- مش عارف شنوة صارلي يا شيخ .. من الي شفت هذاكا الجندي الي اتطرشق عليه اللغم الي حطيناه .. مانيش حاسس روحي قد بعضي
- جند الطاغوت
- كان يشهٌد .. وقت الي كان يموت ..
بدات البسمة المصطنعة متاع سمير تتلاشى و بدى التنرفيز يظهر على وجهه. فكرة كيف هكة كان تتقال قدام الجنود تشككهم في رواحهم و تحبط من عزائمهم. كان يلزم يكون صارم و حاد.
- قلت : جند الطاغوت ... من وقتاش وليت تناقشني ؟
- و كان بنية كيف سلمى يطرشق عليها لغم سيدي الشيخ ؟؟
- و اش خص كان نتخلصوا من كل الزانيات المتبرجات ...
- سمير راني نحكي على سلمى ..

فقد سمير برودة أعصابه و لأول مرة من الي يعرف بلحسن يصيح عليه.

- سلمى و الا زمارة .. مش قلتلك الي زانية ؟ احنا يستناونا نساء لم يطمثهن إنس ولا جان. حوريات عفيفات. مش كيف هالسلمى الي مرجتني بيها سنين و انت سلمى سلمى .. اش رجعتهالي بالله ؟ تي ماهي متبرجة , زانية ... تي حتى حكاولي عليها وقالولي أنها كانت و العياذ بالله من واحد لواحد ... انساها ... توة  تلهى بجنودك الي تدرب فيهم و الي استوثقتك عليهم و انت جايني تتبكالي من هال...كلبة. ياخي ما في بالكش الي قرب وقت الضهر و ما عملوش تدريب اليوم في جرة  خرافاتك و حكاياتك الفارغة ؟
رعش بالحسن, طبس راسه , تماسك نفسه من شر الغضب, حشم من الموقف الي تحط فيه,  مهممه "حاضر سيدي الشيخ". تلفت خارج من الخيمة , شد سيفه و بدى يصيح "تدريب يرحمكم الله ... تدريب يرحمكم الله". جاء خارج ,من بعد وقف و تسمر و هو شاد سيفه :  و كـأنه سمع سلمى ناداته. "يا بلحسن, شفت روحك ؟  عملت الي عملت في الي يحبوني أكثر من اللازم ... شنوة تعمل في الي يكرهني و يسبني أكثر من اللازم ؟ ".

و وفات حكايتنا ببرشة دم ...