lundi, mai 06, 2013

بلحسن و سلمى : خرافة جهاد أو جهاد الخرافة


 -1-

قام مفجوع. عروقاته شرتله. وجهه أصفر. عينيه, خشمه , روايقه .. الكلهم  ينزوا  نزان. حتى كرشه  دارت, اتكى تحت شجرة و تقيء, دارت بيه الدنيا. "اخي, لاباس عليك ؟ " شرب شربة ماء من القربة الي عطاوهاله. مضمض فمه مسح الردان على لحيته. جازاكم الله خيرا. مدله ابو حمزة  تلاثة تمرات و تبسم له بسماحته المعهودة : "فيها الشفاء ان شاء الله".
حس روحه خير. لكن مازال مرعوب. هول الحلمة الي حلمها أقوى منه. كان تعهٌد من سنين أنه ينقٌص من التهلويس و التخمام برشة و يسلم أمره لله سبحانه و تعالى. ما كانش مستعد أنه يحلٌل أو يخمٌم علاش حلم الحلمة هذه بالذات في الوقت هذا بالذات. يلزمه يقابل الأمير. الأمير هو ولي أمره و يمكن يكون ابليس- يخزيه و ربي يعوذنا من شره- هو وراء هالحلمة.

-2-

- خير يا أبا الحسن ؟  و كأني أراك شاحبا و العياذ بالله
- انشاء الله خير يا أميرنا.  كنت رقدت بعد صلاة الفجر و قمت على حلمة خوفتني.
-  هوٌن عليك يا رجل. أضغاث أحلام. هي تلك الحشرات الملعونة متاع الجبل ... ممكن تعمل هلوسة ساعات.
- لو تسمح يا أميرنا, حاسس الي يلزمني نحكيلك الحلمة ...

مهمه الأمير بعض الشيء, تماسك إحساسه بالقلق و الانفعال الي ظهر لحظة على وجهه. تصنٌع بسمة عريضة.  تصفٌح بعجالة الكتاب الي قدامه الي كان يطٌلع عليه قبل دخول بلحسن و كأنه حب يقول أنه يلزمه يكمٌل الي بداه و أن بلحسن قاعد بخرافاته يضيع له في وقت لا يقاس بثمن.
- بعجالة يا أبا الحسن, بعجالة يباركلك
- حاضر سيدي الشيخ. حلمت بسلمى سيدي الشيخ ...
لو كان جاء حد أخر من" كتيبة شيخ الاسلام" كان قال الكلام هذا راهو طرده من خيمته و راهو ممكن نال عقاب قاسي من الجلد حتى يعود الى رشده و يتوب الى الله عز و جل. لكن سمير أو كيف ما ولاو يسميوه "الأمير" أو "سيدي الشيخ" , كان ما ينجمش يعامل بالحسن -ذراعه الايمن- كيف الناس الكل و زيد كان يعرف شنوة تمثٌل سلمى بالنسبة لبلحسن.

-3-
رغم الي ما وصلش بعيد بقرايته , كان سمير في الشمبري يعتبر أكثر واحد قاري فيهم, كان شادد تركينته يقرى في كتب الدين. كان قراءته المتواصلة لكتب الدين عندها عدة فوائد  أول حاجة لأنه كان محتاج أن يطمئن قلبه في المحنة الي كان عايشها, ثم كان قراءته لهالكتب الي كان ينجم يتحصل عليها بطرق ملتوية,  تجنبه الباندية و المجرٌمة أنهم يتبلاو عليه ... و ربي برك يعلم شنوة الي كان يصير  و مازال يصير في زنازن و سجون البلاد. وفوق هذا و دونه كان سمير يحس بظلم البلاد و ظلم الدولة الي كانت تحكم فينا بطريقة بعيدة كل البعد على شرع ربي و بعيدة على العدالة بين الناس : هوما مرميين في الحبس, أغلبهم مظلومين و البرى الباندية قاعدين يستغناو و يسرقوا و حد ما كلمهم.
كان سمير ضعيف البنيان و ذميٌم, تنفخ عليه يطير, مرايات نظر وبيوضية في الوجه, كان ماجاش متخبي وراء كتب الدين راهو عبثه بحاله في الشمبري. كان كبران الشمبري بلحسن. شاب جهامة, عضلات مفتولة, و كان عامل بشرعه في الحبس الكل. شكون يتجرأ  و يكلم بلحسن هكة و الا هكة. الناس الكل تلبد قدامه. رغم هذا كان بلحسن ما يعديش نهار و ما يجبدش الشبوك مع حد بش يحس بنفوذه و بش ما يتحداه حد في الحبس حتى بالخزرة.
عقاب الليالي كان بلحسن يحاول يراقب جماعة الشمبري من بعيد, وقت الي الناس الكل يكونوا ملمومين على طرح شكبة, يحاول يكون محايد و ما يدخلش معاهم في معامع الخطارات .. مش هذاكا جوه. أما كان يحرص على أنه اذا صارت عركة يضرب الزوز أطراف بش يركحهم. و هذاكا كان جوه و شيخته ... و هكا علاش كان يبعد على جمهور المرابيط الي كانوا يهيجوا و يميجوا مع كل طرح شكبة و كان يركش بجنب "الشيخ".
من الأول كانوا ما يتكلموش. من بعد السلام السلام في إطار إحترام متبادل .. حتى لين كلمة تجيب كلمة, ولاو راسين في شاشية و كل ليلة يحكيو على حياتهم و ولاو كيف الإخوة. عمره ما كان بلحسن يمكن يحكي حكايته الى انسان و خاصة محبوس كيفه.و بخلاف أنه مشدود على خلفية جرائم قتل, حتى حد ما كان يعرف شنية قصة بالحسن. و نهار من نهارت, في ليلة طويلة من ليالي الشتاء, تكلم بالحسن و حكى على سلمى.

-4-
سلمى كانت كل شي بالنسبة لبلحسن. بنت خالته, حبها من الي يعقل على وجوده في الدنيا هذه و ممكن قبل ما يتوجد. لعبوا مع بعضهم صغار , عريس و عروسة, لعبوا كاري , لعبوا غميضة و كان ديما يحميها من الصغار الأخرين و حتى من الكبار. أول مرة عمل فيها عملة وقت الي سلمى قالتله أن عمها يحبها ياسر, أكثر من اللازم و أنه يبوسها ياسر أكثر من اللازم و أنه يمسها ياسر ,أكثر من اللازم وهي تخاف. ما كانش فاهم وقتها شنوة الي كان يعمل عمها لكن ما كانش يسمح أنه حد ينجم يحب سلمى أكثر منه ..و طيٌح عليه الياجورة من السطح و وقت الي سلمى هربت قعد هو واقف يشوف في الدم متاع عم سلمى يشرشر. و هو يستحلى فيه.
سلمى كل شي, سلمى نسمة صيف في عز أوسو, سلمى الحبيبة و الأخت و الأم الحنينة, سلمى النفس و دقات قلبه. سلمى ترجٌعه الوليٌد الصغير الي كله براءة وقت الي ولاد الحومة و المدينة الكل يشوفوا فيه مجرم لا يرحم و لا يشفق. سلمى بسمة الدنيا و حلاوتها. سلمى روح الروح و السبب الي يمكن يخليه يتوب نهار ويعيش معاها بالحلال. سلمى هي الدنيا و الطيبة و الحب.
سكر نهارتها, سكر و ما نجمش ينسى. الليلة عرس سلمى. أنا ؟ خالتي أنا تحلف بالايمان اني ما ناخوش بنتها و تعطيها للروج ولد جميلة ؟ أنا تجبد بيا خالتي ؟ قالك شنوة .. ما تعطيش بنتها لمجرم متاع النطرة و السرقة ؟ نسات قداش كركرت و جبتلها في جرة النطرة ؟  الروج ؟ الروج الي يخدم في الفرماسي ؟ الروج خير مني ؟ صب ... صب ... و سلمى ؟ ساكتة يا سلمى ؟ حبيتك أنا يا سلمى ...  و شكون .. صب , صب ... شكون عندي غيرك يا سلمى ؟ تسكتي يا سلمى ؟ تسكتي ؟
كان مروٌح لدارهم بش يرقد. و من بعد تذكر. تذكر نهارة الي سلمى جات تشكيله من عمها الي كان يبوسها برشة. و كيف يطلع الروج يبوس في سلمى برشة ؟ بالكشي سلمى حاجتها بيا و تحبني ندافع عليها ؟ أكيد أنها حاجتها بيا !  يا سلمى هاني جايك ... جبد السيف و غرسه في الروج, سلمى في بيت النوم تعيط و تبكي. طيرتله السكرة. في عينيها فما حاجة تبدلت. ماعادش تنجم تكون سلمى الي يعرفها. سكتت على الصياح و البكاء وقت الي شافت الروج مطيش , ميت و دمه ملطخ الفرش. شدت السيف بيدها و حطاته على صدرها. خزرتله بنظرة قوية. أقتلني يا بلحسن. ما كانتش تتشحت فيه و ما كانتش تفذلك و لا تعمل في مسرحية. كانت تعرف آش تعمل و آش تقول و جملتها ما خلات حتى مجال لبلحسن أنه يطلب السماح أو حتى يفسٌر علاش عمل هكة أو أنه يطلب منها أنها ما تموتش. كلامها كان صارم ما فيهش لعب ... وقف, رعش, خزرتله في عينيه مرة أخرى بكل برود وقالتله .. "بلحسن, كانك تحبني أقتلني." شد السيف و نزل. بكى. أول مرة يبكي من بعد موت بوه وهو صغير. طاحت سلمى دمها يفيٌع و خلطت الشرطة ...

-5-
كانت كل ليلة تزوره في الحلم. تحكيله على شنوة كانوا ينجموا يعملوا مع بعضهم و شنية العيشة الي كانوا ينجموا يعيشوها مع بعضهم. كل ليلة وين يجيه النوم ويحلم يلقاها قدامه , بلحسن ايا نعملوا سباق ؟ بلحسن هيا نلعبوا كاري ؟ ان , دو , تروا ..صمبة.

-  لا شيء عليك أخي ..
- شنوة معنتها سيدي الشيخ ؟
- مش قلتلي هوما  كتبوا صداق في البلدية ؟
- ايه ...
- يعني ما عملوش عرس على سنة الله و رسوله .. هذا يعني أنهم زنات
- لا مش زنط لقيتهم لابسين ..
- لا لا زنات. يعني اختلوا ببعضهم في غير شرع الله. و كان عليك أن تقيم عليهما الحد. حسنا فعلت. يعني الي عملته مش غالط.

قال سمير الكلام هذا  لبلحسن و هو خايف. ماكانش يعرف شنية تنجم تكون ردة فعله. كف ؟ جردوق ؟ مشطة ؟ دغرة بسكينة ؟ .. بلحسن سكت , لبه العرق. تلعثم في الكلام ..
- يعني الي عملته مش حرام ؟
- كان تتوب لربي و تصفي النية , ربي يغفر ويسامح. خاصة كيف ماقلتلك أنك أقمت الحد على عمل فاحشة زناء و العياذ بالله. و الله أعلم...
رقد ليلتها بلحسن و هو يستغفر و لأول مرة ماشافش سلمى في الحلم. و بشوية بشوية ولى يأتمر بأمر الشيخ و يطبق توصياته و من الي كان هو يصول ويجول في الشمبري ولى "السيف المسلول" لسيدنا الشيخ و ولى  الشيخ يشبه بلحسن بسيدنا عمر رضي الله عنه. و كان بلحسن السبب في هداية برشة مرابيط في الحبس كان مش بالمحاججة بحد السيف...

-6-
عشرة سنين من بعد, هاو بلحسن و سمير في جبل من جبال تونس و الحكم تبدل و ماتت ناس و حيات ناس. و فجأة, وبعد هالمدة الكل, ترجع سلمى.
- خير انشاء الله يا أبا الحسن, أحكيلي حلمتك و لنا التفسير إن شاء الله
- عندي عشرة سنين ما حلمتش بيها يا سيدي الشيخ ... عشرة سنين. جاتني في النوم قالتلي بلحسن, هيا نلعبوا كاري ؟ وبدات تنقز في الغابة على ساق وحدة و أنا نقوللها يا سلمى رد بالك من اللغم و هي تضحكلي و مكملة .. حتى لين ...
- حتى لين ...
- اتطرشقت, ماتت قدامي. عاودت ماتت قدامي ...
عينين بلحسن زغللت بالدموع. سمير بدى يفد و يتقلق. ياخي ماعنده ما يعمل ؟ قداش عنده من عام و هو يسايس في بلحسن وهو مارجله كبيدته بحكايات فارغة ما تعني شي.
- يا ابا الحسن. ما عهدتك بهذه الرهافة يا أخي. شوية رباطة جأش.
- مش عارف شنوة صارلي يا شيخ .. من الي شفت هذاكا الجندي الي اتطرشق عليه اللغم الي حطيناه .. مانيش حاسس روحي قد بعضي
- جند الطاغوت
- كان يشهٌد .. وقت الي كان يموت ..
بدات البسمة المصطنعة متاع سمير تتلاشى و بدى التنرفيز يظهر على وجهه. فكرة كيف هكة كان تتقال قدام الجنود تشككهم في رواحهم و تحبط من عزائمهم. كان يلزم يكون صارم و حاد.
- قلت : جند الطاغوت ... من وقتاش وليت تناقشني ؟
- و كان بنية كيف سلمى يطرشق عليها لغم سيدي الشيخ ؟؟
- و اش خص كان نتخلصوا من كل الزانيات المتبرجات ...
- سمير راني نحكي على سلمى ..

فقد سمير برودة أعصابه و لأول مرة من الي يعرف بلحسن يصيح عليه.

- سلمى و الا زمارة .. مش قلتلك الي زانية ؟ احنا يستناونا نساء لم يطمثهن إنس ولا جان. حوريات عفيفات. مش كيف هالسلمى الي مرجتني بيها سنين و انت سلمى سلمى .. اش رجعتهالي بالله ؟ تي ماهي متبرجة , زانية ... تي حتى حكاولي عليها وقالولي أنها كانت و العياذ بالله من واحد لواحد ... انساها ... توة  تلهى بجنودك الي تدرب فيهم و الي استوثقتك عليهم و انت جايني تتبكالي من هال...كلبة. ياخي ما في بالكش الي قرب وقت الضهر و ما عملوش تدريب اليوم في جرة  خرافاتك و حكاياتك الفارغة ؟
رعش بالحسن, طبس راسه , تماسك نفسه من شر الغضب, حشم من الموقف الي تحط فيه,  مهممه "حاضر سيدي الشيخ". تلفت خارج من الخيمة , شد سيفه و بدى يصيح "تدريب يرحمكم الله ... تدريب يرحمكم الله". جاء خارج ,من بعد وقف و تسمر و هو شاد سيفه :  و كـأنه سمع سلمى ناداته. "يا بلحسن, شفت روحك ؟  عملت الي عملت في الي يحبوني أكثر من اللازم ... شنوة تعمل في الي يكرهني و يسبني أكثر من اللازم ؟ ".

و وفات حكايتنا ببرشة دم ...



lundi, mars 11, 2013

بلدي توهم


و كأن تلك النظٌارة
 و مصفف شعر و قيتارة
تأشيرة مَرٍ و عبورٍ
 لدعاة فن ثوري
من وحي إيليسا  و  قيفارا


و كأن طبعً لجبينه
على هم الرشوة سيعينه
و يحميه من حسد غريمه
شن بلحيته و فساده ...
فتوحات في عمق الإدارة


و كأن قِسما و كتابً
و مقهى وسخ  محرابً
يُبشٌر - من يُدعى زورًا
"مستقبل بلد و شبابً"-
أدبا و علما و إنارة


و كأنكِ بلدُ الأوهام
تجتثي كل الأحلام
و تحبي فن التقليد
و تنسي قَصصك و تُعيدي ...
من قصة بطل مغوارْ
اثر جوادٍ و غُبارْ



و كأنكِ   برد و شرابْ
في حر صحاري و تُرابْ
و كلما تُهنا و ضنينا
و أحسسنا للقرب حنينَ
كنتِ أوهاما وسرابْ

mardi, février 19, 2013

حكايات أوراق (الجزء 3 و الأخير) ه




-6-


بيرو معبي بالدوسيات. غبرة. عباد داخلة و عباد خارجة. المسؤول الي قابلته المرة الأولى و عفس فيا مش موجود. بركاتك يا ثورة. فما مرى في بلاصته محضبين عليها برشة عباد.
-  شنوة قلتلي اسمك ؟ غريبة ... مش موجود دوسيك
- مادام المرة الي فاتت زادة راني قدمت طلب ""اعادة نظر" و ضيعتولي الدوسي ... مش معقول هكة.
- ايواش اهوة .. لا ما شافوهش دوسيك سي وسام
- ...
- تعدى على اللجنة لكن برشة دوسيات ... قالوا مادام ما خذيتش المرة الي فاتت و بما أن ما فماش وراق جدد ما نظروش فيه.
- يا مدام, قالولي أن القرار خاطئ و ان من حقي اني ناخذ معادلة حتى اذا عملت عدة اختصاصات
- شكون قالك هالكلام ... ياخي تعرف خير من اللجنة ؟
- تي هاو قلتلي الي اللجنة ما نظرتش فيه  ... و الي قالولي اكبر اساتذة في جامعات تونس ..
- ما فماش علاش اللجنة تضيٌع وقتها في دوسي ديجا تعدى و ماجدٌش فيه جديد
-  تعدى قبل الثورة ... من وقتها الى توة , صارت ثورة في البلاد ..
- اه بش تبدى تحكيلي بمنطق الثورة ؟؟؟
- بالله فسرلي . حاجة برك نحب نعرفها, توة عندي قداش من شهر و كل مرة هاو ماصارتش لجنة , هاو دوسيك ضاع, شبيك ما قلتليش الكلام هذا من الأول ؟ ثم بالله علاش التعقيدات هذه الكل ؟؟ توة يا رسول الله ما تنجموش تحددوا ليستة في الجامعات الي تعترفوا بيهم خير من التجوجيم الي تعملوا فيه لينا و الى رواحكم ؟
- أكهو, هذاكا اش علمتكم الثورة ... كان طولة اللسان. ياخويا  مطلبك مرفوض سامحني البرة.

-7-
 سبحان ربي. كان التونسي وقت الي يتعدى  قدام القصر الرئاسي يبدى يستراسي و ياويل الي يخرٌج مُصورة و الا ينقٌص في السرعة. انتهى عهد الرعب و هاني توة في وسطه و بش نخدم فيه.
- هذا بيرو تنجم تقعد فيه حتى لين نحضرولك بيروك. عندك الكمبيوتر هذا تنجم تستعمله , التلفون هذا 
يتعدى بالسطوندار و هذا تلفون داخلي تكلم زملائك بيه و كان تحب تنجم تطلب قهوة من خلاله زادة.

دخت في سيستام القهوة في ادارة مؤسسة الرئاسة  و الي نتصوره معمم على أغلب الإدارات : تهز
 التلفون. تكلم الحاجب. الو. الو. نحب قهوة. شنوة تحبها. كابوسان. الله يبارك. يعلق الحاجب. يكلم  النادل الي مكلف بعدد معين من البيروات. ألو. ألو. طالبين قهوة. شنية القهوة.كابوسان. الله يبارك. النادل الي يقعد في الكلوار يمشي للمشرب. أهلا. أهلا. طالبين قهوة. شنوة القهوة. كابوسان. لا ماعنديش حليب. يرجع النادل للكولوار. يكلم الحاجب. الحاجب يكلمني. ما عندوش حليب. امالا هات قهوة عربي. الحاجب يكلم النادل. أمالا هات قهوة عربي. النادل يمشي للمشرب. قهوة عربي. القهواجي يحضر قهوة عربي. يهبط النادل. يجيب القهوة. يعطيها للحاجب. الحاجب يدخٌل القهوة. الحاصيلو خلق قهوة في 
الادارة التونسية خيرمن البرازيل وقت الي تكور.

كان عدة اصدقاء لحٌوا عليا أنني نستغل معرفتي بالأشخاص و مديري الدواوين الوزارية بحكم خدمتي الجديدة في ديوان الرئاسة بش نعرض عليهم مشكلتي الشخصية مع حكاية المعادلة, الا أني رفضت قطعيا أنني نستعمل اي نوع من نفوذي لأغراض شخصية. ياخي علاش امالا عملنا ثورة ؟ مش بش نقطعوا دابر الماضي الأبله السيئ ؟

-8-

انهيت مهامي في مؤسسة الرئاسة. توحشت السينما , توحشت الفن.
وقيت بش نرجع نشوف حكاية المعادلة فماش ما يخلصوني في العام الي خدمته و تعبت عليه دون اي أجر و فماشي ما نرجع نقري السنة المقبلة.  الصدفة حتمت اني نكون في قعدة مع المشرف على المعادلات في وزارة التعليم العالي. الي بعد نقاش طويل على مدى جدية الي يعملوا فيه. ما لقى باش يبرر كل هذا التعقيد الاداري الا بأن "الفرنسين كيف يشوفوا تونسي في لجنة نهائية متاع ماجستير ينجحوه حتى لو كان لا يستحق و لذى ما انجموش نقبلوا الماجستير الفرنسي بطريقة مسلٌمة" . جيت بش نقول له أن الفرنسيين ما يطلبوش التثبت في جنسيات الطلبة الي يقراو عندهم قبل ما يعملولهم امتحانات. من بعد قلت .. توة السيد متغلغل و شايخ بثقافة المؤامرة و انا بش نجي نطيح كل شي في الماء ؟ خليه شايخ. كلمة في كلمة. عرف اني مخرج و بدى يتعاطف مع قضيتي الى ان طلب مني أني نجيه الى مكتبه لتدارس الأمر.
ما كنتش من العاكسين, سندت ضهري بصديق استاذ يعتبر قيمة ثابتة في الجامعة التونسية فماش ما نقنعوه بمشروعية مطلبي  و مشيناله  للوزارة. لقينا رواحنا في بيروا معبي بالكرادن و الوراق لدرجة ما فماش وين تقعد. حاولنا نلقاو كيفاش نقعدوا. طلب مني أوراقي وشهايدي بدى يتثبت فيهم و هو يبحلق فيهم أكثر من درج. ثم قام و كأنه جاته فكرة جهنمية و خرج يسأل زملاءه . رجع وقالي :
-  انت قبلوك في الماجستير. يعني عملولك معادلة بين دراساتك في تونس و الدراسة في فرنسا ...
- ...  راهو في فرنسا , ما عندهمش برشة هال ...(شوية لا فلتت العقد) هالتعقيدات
- لا تعقيدات لا شي .. هكة تجي الأمور الجدية ... مش نسيبوا الماء على البطيخ
-  ...
- باهي تعرف كيفاش ؟ زيدني للدوسي ورقة تثبت أنك تقبلت في الماجستير
- أنا عطيتك الماجستير نفسه .. مادام عندي ماجستير يعني بالضرورة تقبلت في الماجستير
- عيش ولدي ... نقص من كسوحية الراس. جيبلي ورقة تثبت انك تقبلت للماجستير و دوسيك انشاء الله يتعدى

-9-

- تفضل .. شنوة عندك ؟
- مطلب معادلة ...
- تراه اعطيني الورقة ... لا الإسم هذا ما عنديش ... ارجعلي الأسبوع الجاي .. و الا تعرف كيفاش ؟ برى ستنى لحظة تو نرجعلك
بعد قريب نصف ساعة. كملت الموضفة دردشاتها الصباحية  حول قهوة مع زملائها و خرجت لقاتني مازلت نستنى.
- الاسم هذا ما يظهرليش عندي ... خليني نلوج.
- انت بيدك مادام قلتلي ارجعلي بعد شهر و قلتلي ان الملف متاعي كامل و مافيهش لبس.
بعد نصف ساعة اخرى بحث. و بالتعاون مع موضفة اخرى إتضح أنه لم تتم اللجنة المقررة في جانفي و تم تأجيلها شهر اخر.
- انت قدٌمت في اللجنة قبل ؟
- ايه قدمت.
- علاش يعيش خويا تغالط فيا ...
- علاش نغالط فيك ؟؟؟
- تي ماهو قول من الأول .. أهوا دوسيك. إنت تعديت على اللجنة مرتين قبل, مش ممكن تتعدى على اللجنة مرة ثالثة.
- لكن سي فلان المكلف بالمعادلات هو الي استقبلني و عطاني الحق و جيناك الى مكتبك و وريناك الدوسي و قبلته سيادتك و قلت الي ما فيهش لبس و ما فما كان الخير.
- سي فلان راهو ماعادش يخدم في المصلحة متاعنا , نقلوه ..
- وبرى كان نقلوه ؟ يا مدام ما يجيش هكة ... عديت قريب تلاثة سنين من حياتي و أنا ماشي جاي عليكم على جرد ورقة ... عيب راهو .. عيب ...
- خويا هذاكا القانون .. تعديت مرتين أكهو ... أوفيت حضك ... تقعد  تتعدى  زادة مرة الثالثة ؟

عامين التالي كان في بالي الي بش تصير ثورة  حقيقية في تونس ... أما بلادنا تحكمها القهوة الي تشربها الموضفة. هاك القهوة الي  يجيبهالها  الحاجب. بعد ما يكلم النادل الي يكلم القهواجي. و اذا القهواجي نهارتها متعارك مع مرته و ما حبتش ترقد معاه ليلتها, يجي للخدمة مهموم و ما يعصرش القهوة مليح. و بما أن الحاجب متهارد هو و النادل و بما أن القهواجي الي مش في صحنه طيرها للنادل الي بدوره دز فازة للحاجب خلاه يرعش. و وصلت هاك القهوة  الي   لايزي لا مطعم لا صفات , و لا يزي فايضة من كل شيرة جراير رعشة الحاجب. و بما أن صديقتنا الموضفة تستباخت بقهوة الصباح و تأمن  الي من خلال حالة القهوة الصباحية الأولى , يمكن نتكهنوا بحالة اليوم كيفاش بش يتعدى, و بما أن بالنسبة ليها الاستشعار عن بعد لحالة اليوم عن طريق القهوة الصباحية أصدق من أبراج جريدة الصباح الي ما تفلتهاش كل يوم,  تغم عليها قلبها أختنا الموضفة و رعشت و حست ان النهار بش يتعدى مشوم شايم و طارتلها النفحة و حتى كيف حبت تعمل جو  وتهدرز مع الزملاء على الصباح و عيطت في وجهي  وقالتلي برى استنى فماش ما تعدل اللة مزاجها, شي, قعدت مش قد بعضها, و بما أنها مش قد بعضها و يلزمها تلوج على دوسيا الي ما لقاتوش و الي اتهمت زميلة اخرى في البيرو -تسالها مغرفة- انها تحط الدوسيات وين جاء و بدون نظام, زاد تعكر صفوها, و هكة فيسع طلع قانون "المرتين" الي ينص حرفيا أن : كان تعديت على لجنة مرتين ما تنجمش تتعدى تلاثة مرات. و كانك قاري في اكبر جامعات فرنسا يلزمك ما تكونش قاري برشة قرايات لأن في سبرنا الي يقرى برشة يتمخوج و احنا عباد نحبوا الناس مخها فوقها و حيط الحيط و ما عندهاش لا هكة و لا هكة .. و تعرفوا كيفاش ؟ هاني بش نعاود نهج. أقعدوا فيها.  

حكايات أوراق (جزء 2) ه



 -3-

الصباح نمشي نقرٌي, العشية اعتصامات. بدات الأمور تسخن. زعمة ينهار هالنظام و نبنيو بلاد جديدة ؟ ماعادش حاملين. ماعادش طايقين الهم و الغم.
 الباساج, حضور أمني كبير. أصدقائي المخرجين و تقنيي السينما الشبان أغلبهم موجودين. الي يعتبروا رواحهم "كبارات الفن" مش موجودين بالطبيعة ... ما يجيش يختلطوا مع الشعب , هذوكم يلزمهم قاوق و جوقة , يلزم ينظمولهم حاجة ليكس , تليق بمقامهم. يجي منه فنانين يحتجوا مع النجار و الجزار و التارزي و العامل في المصنع ؟
 هدٌوا علينا البوب بالماطراك من كل شيرة حصرونا. وفات المسيرة. الدنيا معبية بالبوليسية الي بداوها ب"إمشي" و "تحرك" .. وبداو يسخنوا و يتفننوا في التعابير الفريستايل. تلمينا ستة و الا سبعة زملاء و جينا مروحين و قلنا نعملوا قهوة في الأفونو قبل. عرضنا بوليس و ماخلاناش نتعداو , رغم الي زملائه ما خلاوناش زادة نقعدوا في البساج.
-  سامحني خويا , بالله ثبتولنا  رواحكم .. نرجعوا للبساج ؟
- لا . امشيو على اليمين. كل واحد في جهة.
- شنوة الي يمنع نمشيو مع بعضنا
- القانون .. ما تنجموش تجتمعوا ..
- شنوة الي نجتمعوا ؟؟؟ خويا... ستة من ناس متعديين على رواحهم ... اجتماع بالنسبة ليك ؟
- ياخي تفهم في القانون سيادتك ؟ أنا بوليس , أنا نفهم في القانون
- و المحامي فاش يفهم كيف انت هو الي تفهم في القانون ؟
- شبيك تحكي ياسر انت ؟  شنوة حاسبين رواحكم تحكيو من فوق ؟ شنوة تعملوا انتوما ؟ بطاقات تعريف
- احنا مخرجين .. هاو بطاقات تعريف
مديناله بطاقات التعريف و بدى بش يرطاب ويلين حتى لين , اطار امني موشح بالنجوم شاف الي صار. جاء يتبختر من غادي, حسبناه بش يزهر على البوليس , جانا يجري و هو يسب و يكفر و في عوض يرجع العون لبلاصته , ظهر الي قاصدنا أحنا مش البوليس و  شد واحد من الزملاء و دخل يفشخ فيه و عيط للقوات الأمن و نزلوا على البنية الوحيدة الي معانا بالمطراك و هي تحاول تهرب منهم و صحيبنا أبو النجوم يسب و يكفر و يعاود بطريقة هستيرة "قالك مخرجين ..."



-4-

ما كنتش مصدق. بن علي هرب. . بن علي هرب. . بن علي هرب... يا توانسة يالي غبنوكم, يا توانسة يالي عذبوكم. . بن علي هرب.
 قبلها بليلة كنت كتبت على صفحة الفايسبوك متاعي "يا نهاية حقبة, يا نهاية قحبة" , تأهبا لمجزرة محتملة يوم 14 جانفي و عودة بن علي بقوة أو في سيناريو سعيد هزيمة الدكتاتور شر هزيمة و هذاكا اش صار.
بتت نحلم وقتها. آفاق المستطاع كانت شاسعة. كل شي ممكن في البلاد. الناس كانت تضحك من عينيها. العباد تتقابل في الشارع و تحكي. الناس الكل وخيان. طاقة ايجابية هائلة. لافما لا إدارة و لا مصلحة و لا زمارة.
توة كيف نسمع واحد سياسي يبدى يشعوذ في الحديث و يعمل في طلاسمه الشعبوية و هو يشكر و يجمد "في الادارة التونسية الي صمدت و ماطاحتش برحيل "المخلوع" "  يشدني الضحك و نبدى ماذابيا نقول له : يا وليد عمي. سمعتشي واحد نهار 15 جانفي صبح على الصباح  في وزارة الفلاحة بش يطلب شهادة اعفاء من الدفع الضريبي على حليب المعز ؟ يعني ينفخوا نفخان في صورة هالكارثة الي ورثناها على الفرنسيس أيام الإستعمار و الي هي "المشكل مش الحل".
ايا سيدي عدينا أيامات البلاد ماشية كيف الزيت فوق الماء. الناس الكل حاطة اليد في اليد و تعاون في بعضها, حتى لين بدات نمنامة الدولة و هيبتها, و كل غبينة و غبينتها كان الدولة و هيبتها, و فاقوا اللجان المركزية و هات نكبسوا  و فيسع فيسع رجعت اللجنة المركزية للإتحاد التونسي للشغل و بدات تزايد في الثورية و استحوذت بالارث الاحتجاجي, مش بإسم العناصر الي  كانوا فاعلين في الجهات و الي النقابيين كانوا في طليعتهم  بل بإسم  المنظمة  المركزية و الممكرزة على زوز فاسدين .. وكانت من أكبر المغالطات ابان سقوط بن علي.  هالفُسٌاد لعبوا بالبلاد كيف ما حبوا و قلبوا ثورة "الكرامة و الحرية", الى ثورة" المساسية و الشعندك فيا".
 و كمل عاد طلعولنا جماعة "لا للإنفلات" و "الأغلبية الصامتة" و بداو يضربوا في الطبل و البندير للإدارة التونسية الي صمدت رغم هروب بن علي... اش خص كان طاحت معاه.

-5-
ارفع راسك الفوق, انت تونسي  ... الي يكلمك قول له أنا تونسي يكفي... تو يفهم قدره. كنت شاد الصف في سفارة فرنسا في تونس. جاء دوري. تقدمت بملفي. واحد فرنسي- تونسي يخدم في السفارة هزني و حطني و من بعد قالي.
- ياخي شبيك توة ماشي تجبد في ورقة الاقامة متاع فرنسا. هاو كاتبين الي حضرت عندها قريب شهرين
- اي في بالي الي حاضرة. أما كانت فما ثورة في البلاد.
بهت السيد. ماشي في باله أن لو كان إقامتي في فرنسا حضرت يلزمني نشطح بالمحارم و ما فهمش كيفاش ممكن أن تكون إقامتي حاضرة من أشهر و أنا ما نتلفتلهاش. حسيته كيف الي منبوز من الحكاية.
- برى لوكان. ما فماش علاش انت مقيد تعمل في دوكتورا في فرنسا و انت قاعد هوني ...
- خويا. أولا الدكتورا موضوعها و بحثها الميداني في تونس , ثانيا خويا اخدم خدمتك و أنا.. كوني ناخو وراقي و الا ما ناخوهمش , مع احتراماتي, مش من مشمولاتك
- بالله ؟ مش انت يلزمك فيزا رجوع ؟ ياخويا ما نعطيوش فيزا رجوع مادامك مقيٌد في فرنسا وقاعد هوني ... يلزمك تعاود الأوراق الادارية من أولها و تطلب فيزا على أساس أنك طالب و تتعدى في لجنة المركز الفرنسي من أول و جديد ...
برشة كلام خايب جاء البالي. لكن أمام القهر الي شفته في عينيه و هو باهت في الصلابة في موقفي و في نظرتي ليه, قلت أني مش ممكن نتراجع على الطريقة هذه للتعامل مع هالرهط. و أن وقت الذل الي استبطنوه انتهى و ولى نهارة الي تونس وقفولها رجالها و قلبوا النظام. خزرتله بكل برود و قلتله :
- تعرف كيفاش خويا العزيز. خليها عندك الفيزا متاعك. و الأوراق متاع الإقامة زادة استحفظوا بيها مليح مليح .  
و خليني نذكرك الي راكم ضايعين فيها و مش فاهمين شنوة الي قاعد يصير في العالم. ايا انستوا.
وخرجت فرحان بروحي ندز في كتافي




(يتبع)