lundi, août 15, 2011

في مدح ثقافة المقاهي



أيا قلنا السلام.  من الي كنت صغير,  كانت عندي نظرة خايبة ياسر على القهاوي ناتجة على الرواية الرسمية الي نسمعوا فيها من "القهاوي مضيعة وقت" و "خلط مش باهية"  و "مضرٌة صافي" و الى اخره من نظرة احتقارية لثقافة القهاوي.
رغم هذا الكل كان الوالد كل عشية يمشي للقهوة و جدي  زادة يمشي للقهوة و خويا كيف كبر يمشي للقهوة,  يعني تضارب كبير في الفعل و القول و القهوة كيف لحمة الكرومة ... متاكلة و مذمومة.
 و لذا  و ما دام الشعار متاعنا المؤقت توة هو " الصدق في القول و الإخلاص في العمل .. أحب من أحب و كرخ من كرخخخ", قررت رد الإعتبار للقهاوي و ثقافة القهاوي , إخلاصا مني للكابوسان و الاكسبراس و الشيشة تفاح.
الساعة قبل كل شي, خليني نكون واضح : القهوة  عندها دور هام جدا في توازن المجتمع التونسي. تقولي كيفاش , نجاوبك و نقلك الي , المقهى هو فضاء أكبر , إجتماعيا ,  أنه يكون مجعول للإستهلاك المجرد للمشروبات , المقهى  إذا هو فضاء إجتماعي و ثقافي و  سياسي.
أجتماعيا المقهى يساهم بصفة كبيرة في الترابط و التكافل بين أفراد المجتمع, تي إنت شوف الفرق بين الحوٌم الي لاعبين فيها شيك و هوما عمارات عمارات و بين الجو في حومة يتوسطها مقهى الحومة. في  الأحياء الي زعمة زعمة  "هاي"  ما تلقى حتى تكافل إجتماعي و الجيران , الباب في الباب ما يعرفوش اسامي بعضهم و ما يقولوش حتى صباح الخير لبعضهم , بينما المناطق الي فيها "قهوة الحومة" تلقى فيها تكافل ضمني ناتج على إحتكاك الجيران بعضهم ببعض. ثم ثانيا المقهى  عنده دور هام في التوازن الأسري. كيفاش ؟  العالم يا جماعة يعاني افة جديدة  استوردوها التوانسة , ماشي في بالهم تابعة تطور الغرب و هي ما يسمى في علم الإجتماع  "بالتقسيم الذري للمجتمع" (atomisation de la societé)  يعني بالفلاقي ثقافة" أنا و مرتي و برطماني و البقية بقلة ليهم"  و لا نعرف لا ولد عمي و لا ولد خالي و لا خويا و لا أختي و لا ولد حومتي, حتى حد ما يهم كان العائلة المصغٌرة الي عادة تكون زوج أو زوجة و غشير و الا زوز. هالعائلة المكيروسكوبية طرحت  معطى جديد : الزوجين اذا ما يخدموش يبقاو  نهار كامل في وجوه باعضهم, يخرجوا مع بعضهم يدخلوا مع بعضهم ,يرقدوا مع بعضهم يقوموا مع بعضهم و كان تجرأ الزوج و قال لمرته ماشي للقهوة , تشنع و تاكل بعضها و يولي الراجل  يحس بالذنب  ثم يرجعله شاهد العقل و يتراجع عن قراره لأنه هو بيده مستبطن فكرة الي القهاوي مضيعة للوقت.  أيه عاد أكهو النتيجة واضحة :  وجهو في وجهها نهار كامل لين تركح فيها البونية و توفى الحكاية بطلاق. هات توة نحللوا المجتمع التونسي قبل ما تتوغل فينا هالافة متاع العائلات المصغٌرة المعزولة : في صغري الوالد وقت الي يكمٌل خدمته كان عنده وقت مخصص ليه يمشي فيه للقهوة و يتقابل مع أصدقاءه و أقاربه و كانت الوالدة وقت الي تكمٌل خدمتها عندها زادة وقت مخصص لصديقاتها في جلسات نسائية أو عائلية و كان هذا حسب رأيي يمثٌل نجاح أسري لأن الزوجين عندهم حياة زوجية و حياة إجتماعية و مش , كيما توة عند برشة كوبلوات, الحياة الوحيدة المسموحة لأحد الزوجين هي الحياة الزوجية لا غير.  وفي غياب بارز للحياة الجمعياتية في ثقافة الشارع في بلادنا  تقعد القهوة المكان الأول للإحتكاك بالعالم الخارجي و التثاقف. بالطبيعة , وقت الي نحكيو على القهاوي ما نحكيوش على المرضى و المدمنين الي يعديو نهار و طوله ريسانهم يدورو يمين يسار يتبعوا في الماشي و الجاي تقولش عليهم يتفرجوا في ماتش تينيس في رولانقاروس.
و لهنا بش نخلطوا للأهمية الثقافية للقهوة : يكفي أني أشير الى جماعة مقهى تحت السور بش نفهموا قداش المقهى هام في الحراك الثقافي التونسي و أكثر الأفلام و الروايات و دواوين الشعر تكتبت في مقاهي و أكبر الندوات الثقافية  و المبارزات الفكرية تمت  بين كابوسان و كاس تاي منعنع, هذاكا علاش من رأيي مش من الصائب تجريم المقاهي و تحميلها  تخلفنا الثقافي و التحريض على هجرها بل من الأرجح إستغلال الفضاءات هذه لتنظيم و تركيز النشاطات الثقافية في وسطها . علاش نخمموا نبنيو هياكل ثقافية و هي اصلا موجودة و لكن مش مستغلة ؟  علاش مش كل  أكبر المقاهي في كل بلاد ما نشوفوش   فيها عروض موسيقية و سينمائية و علاش ما نسترجعوش ثقافة الفداوي و الروايات الشفوية ؟ و علاش ما نشوفوش شعراء يقراو اخر ابداعاتهم في منبر في قهوة و علاش ما يعملوش المسرحيين عروض مسرح شارع يتماشى مع فضاءات القهاوي ؟
و بش نختم بالجانب السياسي و الي يقول الي في القهوة ما كناش انجموا نحكيو سياسة أو نمارسوها نختلف معاه. لأن بخلاف  الإجتماعات السياسية الي كانت ما تنجم تصير كان في القهاوي نظرا للتضيقات و بخلاف النقاشات السياسية للناس القلائل الي ما كانتش تخاف من الصبابة, القهوة عندها أهمية سياسية مش بالمعنى الضيق, لأن الوعي السياسي أكبر من المباشرتية . يعني التفكير في المشاكل الإجتماعية يعتبر عمل سياسي و التهكم من المنظومة الي كانت قائمة يعتبر سياسي و الى غير ذلك. و ما ننساوش الي القهاوي لعبت دور هام في الثورة الي صارت فكانت مكان إجتماع أهل الحوم للتنسيق و لتكوين لجان الحماية و مكان النقاشات الهامة لتحليل الوضع الراهن. فعاشت القهاوي , عاشت الديراكت سان موس, عاشت الشيشة جيراك و أنستوا.



1 commentaire:

Najah Zarbout a dit…

moi je rêve depuis toujours d'avoir des cafés mixtes un peu partout dans toutes les villes, pas chers et sophistiqués... vous avez cette chance profitez-en