
عدّيت حياتي و انا و الطبعة للعنكوش أنزقزق من قلتة لقلتة انّقز في حفر الزيقوات و أنا تقولش عليا انديانا دجونس في زمانوا و كنت ديما متقبّل هالأمر كيف ما يتقبل أنسان ما قبل التاريخ أن دينصور و الا هايشة تاكلو اخوه و الا مرتو.
و نهار من نهارات لقيت روحي في باريس و المطر عاطية ما عندها نصف ساعة , ساعة , ساعتين و هي تجبد حتى لين وجهي صفار : في بلادي في نصيّف ساعة تاكل بعضها و تولي ما تلقى كيفاش تتعدى. بعد ما وفات المطر قلت خلي نمشي نتفرّج في باريس و هي تشطح في الماء و القلت و الطباعي. خرجت, قطرة ماء في الشارع ما فمّاش !
تعجّبت, و أوّل ما رجعت للبلاد قعدت نسأل في المسئولين و المهندسين في تصريف الماء. الكلهم عملوا تجاهي نفس ردة فعل : خزرولي خزرة تهكّم مفادها "ما أخص عقلك" و جاوبوني ببساطة و تبسيط : " يا ولدي في فرانسا تصب المطر بغزارة في كل الوقت, هذاكا علاش وقت الي الفرنسيس عملوا تخطيط تصريف المياه عملوه تصريف لكميّات ضخمة رغم أنه يتكلفلهم غالي برشة , أمّا في بلادنا , و حسب التحاليل المناخية, المطر شديدة الغزارة ما تصب كان مرة في الفال يعني كل خمس و الا عشر سنوات و لذا وقت الي عملنا تخطيطنا لتصريف المياه تجاهلنا عمدا الكميات الغزيرة التي تعتبر استثنائية و عملنا تجهيز ضريّف و ما يتكلفش برشة تلافيا منا للتبذير".
حكّيت راسي وقتها و جاوبت ببداهة : " ايه و نفرضو أن هالك المطر الي تجي مرّة في الفال جات ! موش تعمل خسائر و تهلك هاك التجهيزات الضريفة ؟"
عاودو خزرولي بتهكم و استخفاف و قالوا : " صحيح تصير خسائر و ضرر مادي, لكن ديما تقعد خسائر هامشية و تتصلح و أقل بكثير من أننا نخسروا في تجهيز البلاد الكل تجهيز ضخم ما يتمشاش مع طقسنا "
برا يا زمان و ايجا يا زمان و تعمل هكة البلاد الكل تفيض, قلت في قلبي "اه هاذي هي المطر الي حكاولي عليها و الي ما تجي كان مرة في العشرة سنين". العام الي بعدو روبلوط عاودت فاضت. قلت : "صدفة". العام الي بعدوا تتعاود الحكاية مرتين وراء بعضهم و عام السنة مازال الشتاء ما دخلش و البلاد غرقت مرتين.
بلادنا, يا جماعة, بدات في التخطيط لتصريف المياه و التصرّف في الأمطار منذ الاستقلال ( خذات المشعل على المستعمر الفرنسي الي اليوم نحتفلوا بذكرى ال44 لرحيلو من ترابنا) يعني منذ أكثر من نصف قرن. و وقتها عملت تخطيط على قد الجهيّد و حسب المعطيات وقتها يعني حسب الظروف المادية للبلاد في هاك الفترة و الدراسات المناخية الي عملوها جدودنا.
الي انّجموا نشيروا اليه لهنا- و الي ما يخفاش عالناس الكل- أنه أولا بلادنا تبارك الله ظروفها المادية تفرهدت بالقدا مقارنتا بحالتنا فجر الأستقلال. و ثانيا أن الظروف المناخية العالمية تبدلت بطريقة كبيرة و بعدت كل البعد عن مناخ بلادنا في وسط القرن الماضي. و السؤال الي يتطرح هو : هل أن سياسة التجهيز و التصرف في الماء تبدلت في بلادنا منذ ذلك الوقت مراعيتا التطورات الجديدة ؟ الجواب هو "لا".
ولاّت يا جماعة هاك المطر الي زعمة "تجي مرة في الفال" تزورنا في السنة مرة على الأقل و تحطم و تكسّر و تهلك و تقتل. فهل أن هذه النوعية من الخسائر يمكن أن تكون "استثنائية" و تعتبر خسائرها أقل من قيمة التجهيز ؟ كم تسوى روح بشرية بالنسبة للمسئولين عن هذه التخاطيط ؟ كان يعتبروا أن "الضغط على المصاريف" في تهيئة البلاد يتكلف خير من تلافيهم مقتل المواطنين الأبرياء ...سامحني فيهم.
مشكلتنا يا جماعة أننا ستانسنا بالنوم العميق و السبات و عدم تحمّل المسئولية : كان ولد صغير فقد لعبته نقولولو "هزتها الهبّة" , كان فريقنا المفضّل خسر راهوا من "العوامل الجوية" و كان البلاد غرقت راهوا من "الكميات الغير منتظرة من الأمطار" !
وقتاش نتعلموا نجابهوا رواحنا و ناخذوا المسئولية باش نتلافاو كوارث كيف هذية ؟ وقتاش انجموا نسمعوا أن مدير ديوان الرصد الجوي اجتمع بالمهندسين في ديوانه للبحث كيفاش يطوروا طرقهم لا للرصد فقط بل لإيصال المعلومة للمواطن و جعله يتخذ الحذر ؟ ما وصلناش الطلب من هؤولاء بالاعتذار الرسمي لتقاعسهم...فقط الدراسة !
وقتاش نسمعوا بتخطيط عمراني واضح لبلادنا تكون فيه نضرة شاملة لبلادنا بعد عشرة سنين وعشرين سنة و خمسين سنة و التطوّر من عشرية لعشرية ؟ وقتاش نتلهاو بتهيئة العمران و نحدوا من البناء العشوائي الغير مدروس و نعملوا حساب مجاري الوديان و التوبوغرافيا و الجغرافيا ؟
وقتاش البلديات تطوّر خدمتها و ما تقتصرش على قباضة تدفع فيها الضرائب البلدية و وقتاش جماعة البلدية يوقفوا توزيع رخص البناء عشوائيا ( بالمعارف) أو دون دراسة ؟ وقتاش تولي تتعامل البلدية مباشرتا مع المواطن اليد في اليد لايجاد حلول فعلية للمشاكل و البعد كل البعد عن اللغة الخشبية ؟
وقتاش ندربوا فرق الأمن متاعنا و الحماية المدنية على حالات طوارء كيف ما هاذي و تكون تدخلاتهم ما تقتصرش نهار الي يفوت فيه الفوت بل قبل ذلك بالنصح و التوجيه السليم الفعّال ؟
وقتاش صحافتنا تنسى المقالات البودورو و تعمل محاسبة عسيرة على كل من يتقاعس على عمله أو على خدمة البلاد ؟
وقتاش وسائل الاعلام تعمل دورها و تنسينا في الحملات التافهة متاع زوز فرنك الي نشوفوها على شاشتنا و قتاش نتعلموا نهوّنوا على كل الحملات التحسيسية و متابعة ردودها على المواطن متابعة علمية و أحصائية ؟
وقتاش يفيق المجتمع المدني و يعمل نشاطات و نوادي و ائتلافات وطنية تعتني بالمواطن المنكوب (بكارثة أو بغير كارثة) و تساهم مساهمة حقيقية و تسعى لتلافي المشاكل لبلادنا بعيدا عن كل الحسابات الشخصية.
وقتاش وزارة التجهيز تفهم أن بلادنا بلاد تسعى للتطوّر و أنه اذا نحبوا المستثمرين يجيو يحركوا العجلة الأقتصادية في البلاد ما يساعدهمش يعيشوا في الزيقوات و في الخرى للعنكوش.
و قتاش يفهموا المسؤولين أنه كل تطور في البنية التحتية يحتّم تطوّر في البنية الفوقية و في قيمة العيش و يحرّك الأقتصاد و يساهم في ثقافة العباد و ينمي الانتليجنسيا و ينقص من مشاكل النقل و التنقل الي هي بيدها تعطي أضعاف هذه التطورات ؟
وقتاش نتحملوا المسئولية يا جماعة و نتعلموا نحاسبو أرواحنا ؟ وقتاش نتبدلوا و نخطو خطوة في درب التطوّر ؟ وقتاش ؟؟؟